الأحد، 27 ديسمبر 2009

حرب صعدة والحراك الجنوبي وسقوط الأقنعة (2)

----------------------------------------
حرب صعدة والحراك الجنوبي وسقوط الأقنعة (2)
عبدالباسط الحبيشي
----------------------------------------
مما لاشك فيه أن لنتائج الحرب السادسة والغزو العسكري على صعدة في شمال اليمن إنعكاسات عديدة أثرت على مجمل المسارات السياسية ومنها الحراك الجنوبي الذي يُمثل القضية الجنوبية أس المشكلة والحل للمعادلة السياسية المركزية في اليمن المعاصر وماتزال طوق النجاة المُعَول عليها مع معطياتها وتجاوز الإخفاقات الجديدة التي تمثلت بدخول بعض قياداته مع الأسف خانة التشظي بسبب تسوس بعض فروعه بفعل الآفات السعودية وإقتحام قيادات جديدة مشكوك بولائها لمعترك الحراك الجنوبي.

***

إذا نظرنا من زاوية وطنية بحتة وبعيداً عن التوازنات السياسية وإدارة الأزمات التي أوصلت اليمن إلى الحالة الكارثية الراهنة. اكرر من زاوية وطنية فحسب، لأن الوضع في اليمن لم يعد يحتمل الرهانات والتجاذبات السياسية المختلفه والمختلة المعتمدة في معظمها على مصالح الخارج وأخذت أبعاداً ومسارات تماهت مع أجنداته، نجد أن الإخفاقات الجديدة التي مُني بها الحراك كان أساسها التدخل السعودي الذي شرذم قواه وأخر موسم صِرابه من أثر السوس. هذه الآفات الضارة تمارس الضغط على العديد من قيادات الحركة الوطنية السياسية للحراك الجنوبي مما أصاب قرارها السياسي بالتفكك والشلل رغم معرفة هذه القيادات بأن الأمنيات والوعود السعودية لن يوتئ أكلها لصالح اليمن مهما كانت جزيلة، ومن يتعلق بقشها سيغرق وطنياًوسياسياً وسيُغرق اليمن معه مجدداً في مستنقعها لاسيما بعد حصولنا على بصيص أمل للتخلص من ثعالبها وعقاربها وثعابينها ببروز مقاومة يُعتد بها.
ستغرق اليمن مجدداً ولكن سيكون هذا الغرق قاتلاً ونهائياً هذه المرة مالم يبادر شارع الحراك فوراً إلى نبذها والإلتحام مع بقية القوى الوطنية الشريفة في صعدة وغيرها على طول وعرض الساحة اليمنية لصد العدوان المزدوج أولاً كشرط أساسي لقطف الثمار الوطنية للحراك الجنوبي والحفاظ على خطه الوطني لاحقاً.

شرعية فك الإرتباط قامت أساساً على التخلص من الإحتلال، أي إحتلال الجنوب من قبل فرد وأسرته مُختزِلة للحكم، لا سيما / ومنذُ / ونتيجة حرب 1994 وبالتالي فإن هذه الشرعية الوطنية ، التي يساندها الكثير من أبناء اليمن ، منتفية بتحول شعار طرد الاحتلال و(برع يا إستعمار) إلى استقبال نفس الاحتلال السعودي المتسبب لكل الكوارث اليمنية منذ بزوغ ثورة سبتمبر 62، ليصبح الحراك وأهدافه بعد ذلك في خبر كان.
لأن تسليم جنوب اليمن لآل سعود عن طريق وكلاء جدد بدلاً عن مندوبهم السامي علي عبد الله صالح هو استدعاء لنفس الإحتلال ، أما وقد قامت مقاومة حقيقية متمثلة في (أنصار الله) في صعدة التي وضعت رموز الإحتلال تحت مطارقها القوية وتجبره على الرحيل، لم يُعد هناك مايبرر عدم الإلتحام مع هذه المقاومة بعمل وطني حِراكي شعبي مشترك مقاوم لإنهاء الإحتلال الداخلي المقنع جنوباُ وشمالاً على طريق إقامة وحدة يمنية حقيقية بدلاً من أن نجد أنفسنا أمام مقولة (ديمة خلفنا بابها).

إن تحريك ورقة تنظيم القاعدة، التي هي أصلاً من صنع الحاكم علي صالح وآل سعود والولايات المتحدة ، في هذه الفترة بالذات وبهذه الشراسة ضد الجنوب إنما لقلب المجن والهروب من الإستحقاقات الجديدة التي حققها (أنصار الله) في صعدة الذين أثبتوا ضعف وهشاشة السلطة القائمة وكل تحالفاتها الإنتهازية وإمكانية الخلاص منها بسهولة في ضوء تحالف وطني حقيقي للحراك الجنوبي وأنصار الله.
لذا أتت الضربة المزدوجة ضد الحراك الجنوبي في محاولة بائسة لزجه في تنظيم القاعدة ليسهل قمعه بتوظيف مبرر المساعدة والتعاون الأمني في مكافحة الإرهاب. انكشف الكذب والخداع والدجل بتجيير الحراك الجنوبي على إرهاب القاعدة ، والمقاومة في صعدة على إيران.
لماذا لا يقولون الحقيقة أن سبب الحراك في الجنوب والمقاومة في صعدة هي نتيجة تفشي الظلم والفساد والتسلط ونهب الثروات واغتيال الوحدة وتفريغ اليمن من الدولة واغتصاب السلطة ومحاولة توريثها؟

إن أوهام البعض بأن النظام السعودي سيقوم بتسهيل ضم الجنوب اليمني إلى مجلس التعاون "لشركات" الخليج كما تظن بعض القيادات الجنوبية اللاهثة وراء أحلام الشركات الخليجية فذلك من رابع المستحيلات لأن من يسعى إلى تمزيق اليمن لا يمكن أن ينظر لمستقبله بحسن نية لأن هدفه من التمزيق يرتكز أساساً على قطع الطريق أمام تطوره وتقدمه ورفاهيته خوفاً على المصالح التسلطية التي ينعم بها آل سعود وأتباعهم من خلال إنظمامهم إلى النادي الرأسمالي الدولي أو نخبة النظام العالمي الجديد. لأنهم ينظرون إلى تقدم وتطور الشعب اليمني نهاية لطموحاتهم الإمبريالية والتسلطية، بل ها هو ذا الإعلام السعودي يشارك عبر أبواقه من قنوات فضائية وصحف رسمية في الهجمة الشرسة ضد الحراك الجنوبي ويروجه كجزء لا يتجزأ من تنظيم القاعدة كاتهام صريح ومباشر له بالإرهاب!! أبعد هذا دليل آخر للنواياالسعودية الآثمة؟؟؟

هذا التنبيه نابع من الفهم العميق المُدرك لكون الصراع في اليمن اليوم الذي أوصل اليمن إلى قعر الهاوية بين فرقاء السياسة والتمذهب، كان بفعل خارجي ويطمح الأن إلى جرجرة قيادات الحراك الجنوبي في الداخل والخارج إلى السقوط في نفس هذا المستنقع الآسن. إنه مجرد صراع على إقتسام كعكة الوطن وبيعه بناء على إستراتيجية دولية تمثلها جوقة آل سعود التي تمتلك خيوط اللعبة بين الأطراف الداخلية . لذا من المهم جداّ الحفاظ على نقاء وطهارة طرفي المعادلة السياسية الجديدة من الولوج في هذه اللعبة القذرة لكي لا يقع اليمن في براثن فخ جديد يُعمق سياسات التمزق والتشضي ، لكنها إن لم تنجو هذه المرة فإن اليمن لن يبقى ولن يذر.

الاثنين، 14 ديسمبر 2009

حروب صعدة وفضائح العمولات

------------------------------------------------
حروب صعدة وفضائح العمولات

كتب: عبدالباسط الحبيشي
------------------------------------------------
في مخاض بحثها المستميت عن مخارج لكارثة الفخ الخطير الذي وقعت فيه إبان ثوراتها التحررية من الإحتلال القديم، والمتمثل في إغتصاب الحكم من قبل أنظمة سيطرت على كل المقدرات البشرية والمادية ثم جيرتها لحسابات هذا المحتل الذي أرتدى أقنعة جديدة على غرارالموضة التي يُطلق عليها هذه الأيام أبناء محدثي النعمة ال (نيو لوك) عزا ببعض الشعوب العربية بدافع المقاومة والدفاع عن النفس إلى بلورة بدائل وطنية قادرة على تمثيلها والدفاع عن حقوقها. فواجهت هذه الكيانات البديلة هجمات ضارية من التشويه والتشهير من قبل إمبراطوريات إعلامية ضخمة وترسانات لجيوش مترهلة بالتنسيق مع أجهزة إستخباراتيه محلية وأجنبية في محاولات بائسة للإنقضاض عليها.


***
وفي خضم هذا الصراع بين قوى الإحتلال الجديد والمقاومات الشعبية نكتشف بالدليل العملي من واقع إفرازات حروب صعدة أن الهدف الأساسي من إستيراد الكميات الهائلة من الترسانات الحربية بمليارات الدولارات إنما لإرضاء أسياد الإحتلال الجديد ولتغطية عمولات السمسرة الضخمة المُختَلسة ومضاعفة الأرصدة الخاصة لتجار السلاح التابعين لهذه الأنظمة.

ولم يقتصر هذا الدورعلى السكوت عن الإعتداءت الخارجية على ألأمة العربية وحسب بل أن لهذه الجيوش وظيفة أخرى تتمحور في تهديد وقمع هذه الشعوب فيما لو فكرت في التململ من جلاديها والمتسلطين عليها. حرب صعدة تقدم لنا برهاناً عملياً بارزاً يَمْثُل أمام العالم قاطبة بدليل السكوت المطبق لكل الأنظمة العربية والدولية إن لم نقل مشاركتها.

يعترف قادة آل سعود بأن آليات جيشهم وترسانته العسكرية المتطورة تقوم بقصف المدن والقرى اليمنية دون هوادة ، وكأنهم يحاربون قوات الناتو الغازية القادمة من وراء البحار لإحتلال العراق والجزيرة العربية.

فمنذ مايقرب الشهر نشهد ونسمع عن ضراوة القصف بأسلحة متطورة ومحرمة دولياً داخل العمق اليمني دون أي مصوغ شرعي أو قانوني أو دولي في تجاوز واضح لا يصل حتى إلى سقف الأكاذيب للخلفيات المفبركة التي سوغت الغزو الإمريكي على العراق !!!!.
لا توجد أي مسوغات قانونية يستند عليها آل سعود بغزو بلد ذو سيادة وقتل وتشريد مواطنيه ورغم ذلك لم ينبس المجتمع الدولي ببنت شفه؟؟ وهذا له دلالات كثيرة بأن هذا الغزو الهمجي هو حرب بالوكالة لقوى أجنبية!!

الحوثيون الذين لم يتجاوز عددهم عند بداية الحرب قبل خمسة سنوات الثلثمائة شخص بحسب المصادر الرسمية اليمنية قد قتل منهم الآلاف بحسب تصريحات نفس المصادر التي نسمع تصريحاتها يومياً بقتل العشرات من عناصر الحوثيين أو القبض عليهم دون أن نصل إلى نهايتهم!!!! كما بتنا نسمع نفس السيمفونية المتوحشة من الجانب السعودي!!!! بينما نرى من الجانب الحوثي أدلة دامغة بالصوت والصورة على قنوات الشبكة الإليكترونية تشهد بالبشاعات الإجرامية التي ترتكبها هذه الأنظمة علاوة على الحصار الشديد براً وبحراً وجواً عليهم وهم ينادون بالجنوح للسلم والحوار.

وفي المقابل ورغم خسرانها المبين المبين وفضائحها المجلجلة والمخجلة ماتزال الأطراف المعتدية تهدد وتقرع الطبول وتقصف وتقتل وتدمر دون هوادة مستمرة بغيها وبغيها وجرائمها اللاأخلاقية التي تصل إلى جرائم ضد الإنسانية بما يدحض أي فرق بين الجرائم التي حدثت في حروب البوسنا والهرسك وحروب جنوب لبنان وغزة وكلها مجازر أرتكبت ضد الإنسانية من قبل أنظمة رسمية عدوانية بهدف التطهير العرقي والعنصري بإستثناء أن تلك الحروب تمت من قبل أعداء واضحين ومن عنصريات تختلف عن الضحية وبعض مرتكبيها يمثلون أمام محكمة الجنايات الدولية.

ومع ذلك نفاجأ بذهول عند سماعنا للعاهل السعودي الذي يقول بالحرف أن بلاده "لن تسمح لكائن من كان أن يُدنس شبراً من أراضيها،" مؤكداً أن "لا خيارات مفتوحة للدفاع عن النفس سوى ، النصر بعزة وكرامة أو الشهادة في سبيل الله ثم الوطن،" وذلك في معرض تعليقه على غزو قواته للأراضي اليمنية. لاحظوا مخرجات ألفاظ حامي حمى الأراضي المقدسة "تدنيس" و "دفاع عن النفس" و "النصر والشهادة" و "في سبيل الله ثم الوطن".

متى أصبح اليمنيون مُدَنِسون لإرضهم التي يعيشون عليها منذ الآف السنين والتي لايعرفون غيرها؟؟ وهل بات الإعتداء عليهم وقتلهم وتشريدهم دفاع عن النفس؟؟ تأملوا.. أليس هذا هو نفس المنطق الذي يلوكونه صهاينة إسرائيل في حروبهم الغاشمة ضد أبنائنا الفلسطينين واللبنانيين أصحاب الأرض الأصليين؟؟ وهل عندما ينتصر تبع آل سعود ، ينالون الشهادة في سبيل الله؟؟ ثم ينتصرون على من؟؟ وهل عندما يعتدون ويقتلون أخوانهم المسلين؟؟ اليمنيين؟؟ الذي قال فيهم رسول الله "أتاكم أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة" ، يدخلون الجنة؟؟ أليس هذا أيضاً هو نفس منطق عناصر تنظيم القاعدة في عملياتهم الإنتحارية ضد الأبرياء؟؟. هل هذا هو الإسلام الذي يدعونه ويمثلونه؟؟ اليس "كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه"؟؟؟

وهل هذا هو خادم الحرمين الشريفين الذي يذود عن حياض المسلمين؟؟ هل أصبح اليمانيون غرباء ومتسللون ومُدَنِسون لتراب أراضيهم؟؟ ياترى من هم الإرهابيون هنا ؟؟؟؟ ومن هم الذين يقومون بالإعتداءت على الآخرين ؟؟ ومن يهاجم من ، وأين ، وكيف؟؟ هل يقوم الحوثيون بقصف صنعاء مثلاً ؟؟ أو هل يقصفون الرياض ليتم قصفهم من جيش آل سعود؟؟ أم أن مئات الصوايخ والقاذفات والفسفور الأبيض تقع يومياً على روؤس الأطفال والعجائز والثكالى والمواطنيين العزل من السلاح وعلى سقوف بيوتهم وفي أراضيهم؟؟؟!!!!

ثم أي حدود يتكلم عنها آل سعود ؟ أليست هذه أراض يمنية محتلة تم التنازل عنها من قبل وكيلهم في صنعاء الذي تم زراعته وتنصيبه لهذا الغرض؟؟ هل أصبحت صعدة وحرف سفيان وعمران تابعة لآل سعود ايضاً بعد إحتلال نجران وجيزان وعسير وشرورة والوديعة والربع الخالي؟؟ ألا يكفيهم كل هذا بعد؟؟ أم أنهم فقط أسودٌ عليَ وفي الحروبِ نعامة؟

"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"

...